هبة أحمد الحجاج
وفجأة! ومن دونِ سابقِ إنذار، دقَ ناقوسُ الحذر ولنْ أقول الخطر ، لأنّنا نحنُ في منطقةِ الحذر ولن نقفزَ بإذن الله إلى مرحلةِ الخطر .
مرحلةُ الخطرِ؛ هذهِ المرحلة التي أدت إلى إغلاقِ المطارات والخطوطِ الجوية، والسككُ الحديدية تُقطع، والمدارس والجامعات تُقفلِ أبوابها ….إلخ.
أتَذكر؟ عندما كانت الأربعةُ جُدران و النافذة هي ملاذُنا الوحيد في ظلِ هذا الوضعِ .
أتذكر عندما كنت تتنقل في أرجاءِ البيت ، عندما كنتَ تذهبُ إلى البلكونة ، الصالون ، وأخيرًا إلى المطبخ ، و أظنُ هذا المكان كانَ مكان الإبداعِ في ظلِ هذا الوضع .
أتذكر؟ عندما تجلسُ تترَقبُ أعداد الإصابات بقلقٍ وكأنك تلتقطُ أنفاسكَ، وكأن جرعة الأُكسجين هذه ستُبقيكَ على قيدِ الحياة عندما تغوصُ في أعماقِ هذا المُحيط .
أتذكر؟ عندما كنتَ تذهبُ إلى التسوق ، لتأتي بحاجياتكَ اليومية، لا بل حتى كنتَ تقومُ بتخزينها خوفاً من المجهولِ في المستقبل ، كنتَ أيضاً تذهبُ إلى التسوقِ لأنهُ ملجَأكَ الوحيد في التنزُهِ والخروجِ من السجنِ الذي يُدعى “البيت” وكأنك تقول ” بضرب عصفورين بحجر واحد ” تنزهٌ وتسوق ، لكنك وللأسف كنتَ تخرجُ خائفاً على نفسكَ و على أهلكَ، على جيرانكَ ، على أبناءِ وطنكَ، على وطنكَ بأكمله ، كانتْ نظراتُ الخوفِ والقلقِ تعلو كلَ شخصٍ تراهُ في وجهكَ في الشارعِ، أو في السيارةِ، أو في البنايةِ، في كلِ مكانٍ وزمان ، ومع ذلكَ كُنا نُطمئِنُ بعضنَا البعض ونقول ” شِدّه وبتزول بإذن الله “.
أتذكر؟ عندما كُنتَ تجلسُ على حاسوبكَ الخاصِ، وتقومُ بِمُتابعةِ دُرورسكَ عن بعد ، تُشاهد وتتابع مع أستاذِك، ولكن مع ذلك تشتاقُ إلى حياتِكَ الجامعية ، في هذهِ الحياة يوجدُ بصمةٌ جميلةٌ لكلِ شيءٍ فيها ، في جلساتنا مع أصدقائنا وضحكَاتنا ومُشاركاتِنا الجميلة ، أنتَ تعلمُ وأنا أعلمُ أن الحياةَ الجامعيةَ لها نكهةٌ أُخرى، بِغض النظر عن الإختبارات واستحالةِ رفعِ المُعدل الجامِعي أحياناً وصعوبةِ الجدولِ الجامعي ، لكّنها مرحلةٌ لو سألتَ كل شخصٍ فينا من الشرقِ إلى الغربِ ” هل تريدُ أن تَعودَ طالب جامعي ؟! سنقولُ بالفمِ المليان بِكل تأكيد” .
وها هُو ذلك الطفلُ أو تلك الطِفلة ، يَجلسون ويتابعون دُروسهم عن بُعد وينّظُرون بِشوق إلى أبوابِ المَدراس يتَذكرُون كيفَ كانوا يلهونَ ويلعَبون في ساحاتِ المدارس، كيف كانوا يجلسونَ على المقاعدِ بجانبِ بعضِهم البعض كالإخوةِ، وكأنهم أصبحوا عائلةً جميلةً يتَشاركون ضحكاتهم وبراءتِهم الطُفولية ومشاكَساتِهم الجميلة ، يُمضُون في مَدارسهم أوقاتًا جميلةً لا ولن تُنسى ستَبقى محفُورةً في الذاكرة ، و حتى تَكون لهم ذِكريات يرّونها لأحفادهم ولأولادهم، لأي شخصٍ كان ، يجب أن يكونَ هُناكَ ذِكريات والذِكريات تحتاجُ إلى مَواقف ، والمواقف لن تَحصُلَ في زمنِ التَعليم عن بُعد .
والآن ، أشعرُ أنّ أمامَ أعيُننا أصبحتْ غَيمةً سوداء وكأنها غَطتْ كُلَ شيء ، كان هُناك ألوانٌ وكأنّ ألوانها ألوانُ الطيفِ السبعه “قوسُ قُزح” ، ما هذا ما الذي حَصل؟ كيفَ حَدثَ ذلك ؟!
حسناً لا يهُم؛ كلُ ما علينا الحذرُ فقط ، وأن نتَكاتفَ كُلنا إلى جانبِ بعّضِنا البعض، ونفعلُ كما فَعلنا في السابقِ، نُمسكُ هذه الغيمةَ السوداء ونطرُدها خارجَ وطنِنَا .
وهُناك بعضُ الإجراءاتِ الوقائيةِ اليوميةِ البسيطة، التي قد تُساعدُ في الحدِ من انتقالِ فايرُوساتِ الجهازِ التنفسي.
وتشملُ هذهِ الإجراءاتُ ما يلي:
* تَجنبْ التعاملَ عن قرب مع الأشخاصِ المرضى.
* تَجنبْ مُلامسة عينيكَ وأنفك وفَمك إذا لم تَكن يدك مغسولة.
* اغسلْ يديكَ باستمرارٍ بالماءِ والصابون لمدةِ 20 ثانية على الأقل.
* استخدمْ مُعقِم اليدين الكُحولي الذي يَحتوي على كحولٍ بنسبةِ 60٪ على الأقل، في حالةِ عدم توفرِ الماءِ والصابون.
* ابقَ في المنزلِ إذا كنتَ تشعرُ بالمرض، واتصل بالجهاتِ المُختصه.
* ويُوصي مركزُ السيطرةِ على الأمراضِ(CDC) بارتداءِ الكماماتِ القماشيةِ في الأماكنِ العامة، وخاصةً الأماكنُ التي يصعبُ فيها الالتزام بالتباعدِ الاجتماعي.
و لا يُقصدُ هُنا أن تَكونَ الكماماتُ القماشية بديلاً لقاعدةِ التباعُدِ الاجتماعي على بُعدِ ستةِ أقدام. حيثُ أن التباعُدَ الاجتماعي، إلى جانبِ الكماماتِ القماشية، أمرٌ بالغُ الأهميةِ للحدِ من انتشارِ كوفيد-19.
ستقولُ لِي ماذا بعدَ ذلك؟ قد تَكونُ ضَجرت ، ملَلت ، وأنا سأقولُ لكَ ” اعْلم أن لكلِ شدةٍ مُدةٌ وأن على قدرِ الشدةِ تنزّل المؤونة. لا يدومُ شيءٌ مع دورانِ الفُلك، وعسى أنّ تكونَ الشدةُ أرفقُ بك والمصيبةُ خيرٌ لك . نحنُ أفضلُ من غَيرنا، لا تَخفْ غداً
سنَرمي الكمّامات ، القفازات ، ستُغلقُ وحداتُ العزلِ للأبد “.
غداً يَجفُ الدمعُ ونبني تماثيلًا للأطباءِ الأبطال،
ستُكبّر الجوامع، وتُقرعُ أجراسُ الكنائس،
من لا يُصافِحك ستضّحكُ معهُ وتقولُ (انتهتْ كُورونا) فيغمُركَ بِحضنه،
غداً سيعُودُ الأطفالُ لِمدارِسهم، حدائقهم، ألعابهم،
ستزدَحِم الأسواق، الطُرقات، المطاعمُ والجامعات،
غداً سيكونُ كُورونا كابوساً انتهى وتاريخاً مضى، ودرساً “مؤلماً” للصبرِ والشكر، وأن الناسَ أسرةً واحدة .
واتبعْ قولَ لقمان الحكيم “أحزمُ الحازمين من عرفَ الأمرَ قبل وقوعِهِ فاحترسَ منه”.