الكاتبة:- هبة أحمد الحجاج
كانْ يَا ما كان في قديمِ الزمان ، هناك مسرحيةٌ كلٌ منَا يَقُوم بدورهِ في هذهِ المسرحية، ويسعى جاهدًا لينالَ رضى الجمهور ورضى نفسهم بالطبعِ ، كانتْ لنا عدةُ أدوارٍ مختلفه ، المهندس والحداد والطبيب والصحفي والميكانيكي والسائق والكثيرُ والكثير من الأدوارِ التي تعملُ على دورانِ عجلةِ الحياة ، ولكن من دونِ سابقِ إنذار ، انتهتْ المسرحية و أُسدل الستار ، وانتهى كلٌ منا دوره ، وكأن أحد الأشخاص ضغطَ على زرِ التوقف ، وتم إيقافنا جميعًا عن الحراك ، ولكنهُ لم يكنْ شخص، بل كان فيروس يدعى كُورونا (كوفيد-19)، هو مرضٌ معدٍ يسببهُ فيروسٌ جديد لم يُكتشف في البشر من قبل.
ويُسبب الفيروس مرضَ الجهاز التنفسي (مثل الأنفلونزا) المصحوب بأعراضٍ مثل السعالِ والحمى، كما يسبب الإلتهاب الرئوي في الحالاتِ الأشدُ وخامة. ويمكنكَ حمايةُ نفسك بالمواظبةِ على غسلِ اليدين وتحاشي لمسِ الوجه”.
هذا المرضُ لم يُوقفنا نحنُ فقط، لم يقتصر فقط علينا، أيضًا أدت إلى إغلاقِ المطارات والخطوط الجوية، والسكك الحديدية تُقطع، والمدارس والجامعات تُقفل أبوابها ….إلخ.
تساءلتُ مرارًا وتكرارًا ، أيُعقل أن يكونَ هذا الوضعُ الحالي له إيجابيات؟ ولكننا نحنُ في ظلِ هذا الوضع لا نستطيعُ أن نراه ، لأنه شُبه لنا وكأنه الهُدوءُ القاتل ، لأننا لا ننظر إليه سوى أنه يقتلُ البشرية، وبل قد يؤدي إلى إنقراضِ البشرية ههههههه هذا في مخيلتنا نحن .
المجهولُ دائمًا يُخيفنا ولهذا السبب قدْ نُفكر فيه بسلبية لأننا لا نعلم ما هو العلاج ، الآن ما نفكر به ونرددهُ على آذاننا حتى ينغرسَ في عقولنا ” درهمُ وقاية لأن العلاجَ غيرَ متوفر ، أقصدُ درهمُ وقايةٍ خيرٌ من قنطارِ علاج .
نظرتُ من خلالِ النافذةِ وقلتُ في نفسي ” لا يمكنُ للشرِ أن يكونَ مطلقًا و أيضًا الخير لا يمكنُ أن يكونَ أيضًا خيرًا مطلقًا ، كلُ شيءٍ في الحياةِ له إيجابيات وسلبيات .
أذكرُ أنني قراءتُ في إحدى الكتبِ مقولةَ منسيوس “الشرُ موجودٌ لتمجيدِ الخير ، الشرُ سلبي جيد ، لكنه مُصطلح نسبي ، فيمكنُ تحويل الشر إلى الخير، ويمكن أن يكونَ ما هو شر لشخصٍ ما في وقت ما ، يصبحُ خيراً في وقتٍ آخر لشخصٍ آخر. ”
بعيدًا عن سلبياتِ الكورونا ، والظروفُ المساوية التي نعيشها وأتوقع أننا كلنا نتفقُ على سلبياتِ الكورونا الكارثيه .
ولكن لنتفكر لحظة لعلنا نرى إيجابياتٍ لها.
مثلًا على الصعيد الإيماني ، قال تعالى ” وقوله : ( وما يعلمُ جنودَ ربكَ إلا هو ) أي : ما يعلمُ عددهم وكثرتهم إلا هو تعالى.
فهذا الفيروس هو جندٌ من جنودِ الله ، يسلطهُ على من يشاءُ ويصرفهُ عن من يشاء، ربنا عز وجل غيّرَ الكونَ بلحظةٍ أوقف عن الجميع أعمالهم، نشاطاتهم، وغيرها الكثير .
الله عز وجل يُذكرنا أن الإنسان مخلوقٌ ضعيف، مهما بلغتْ معرفتنا ، دِراسَتنا، أبحاثُنا ، أجهزتنا واختراعتنا ، تقفُ عاجزةً عن معرفةِ علاج لهذا المرض ، حتى يحين الوقت ويأذن الله عز وجل بإكتشافه .
وحتى نتخطى هذا المرض، امتثلنا إلى أمر رسولنا الكريم : (أمسـك عليكَ لسانكَ وليَســعْـكَ بَـيـتـُـك وابـكِ على خطــيـئـتـكَ)
لحظة! اسمعُ صوتًا غريبًا لم اعتاد أن أسمعه في ظل هذا الوضع الحالي” رنة الجرس، دقة الباب” ياه كم لي وقت طويل لم أسمع هذا الصوتُ المزعج الجميل، إنها جارتي تسألني إذا كنتُ محتاجًا لشيء أو ينقصني شيء ، بالمناسبةِ جارتي ، اكتشفتُ أنها جارةً لطيفة، وتعملُ بالشركةِ المُجاورة لشركتي ولكن لأننا نذهبُ سويًا صباحًا ونعودُ آخر النهار ، لم تتح لنا الفرصة أن نتعرف على بعض، ولكن في زمن الكورونا، أصبحنا نعلمُ كل شيء عن بعض ولكن عن طريق البلكونة ، نسهرُ دائمًا ونتكلمُ كل منا على بلكونته، ولم يقتصر الموضوع علي فقط، وجاري أيضًا أسمع دائمًا أصوات ضحكاتهم وألعابهم مع أطفالهم ، وكيف يقضون أوقاتهم مع أطفالهم و أهاليهم، ويتحدثون عن أمورهم الجدية ويخططون إليها وأمورهم السخيفة ويضحكون عليها .
أمس عندما كنتُ جالسًا على اللابتوب أشاهد آخر تطورات فيروس الكورونا، استرقتُ السمعَ على جاري عُمر الطفلٌ الصغير الذي لم يتجاوز الخمس سنوات ، وأضحكني بشدة عندما أخذ يقول ” ممنوع منعًا باتًا الخروج من بابِ الشقة إلا في حالة الطورائ ، كإنهيار المبنى أو أنّ المبنى ينهار ، الشباك لو تفتح اقسم بالله هفجر البلكونة ، مفهوم؟ والكل يرد عليه ويقول: مفهوم يا عمر. وتعالت أصواتُ ضحكاتهم ممزوجةً بالفرحِ والسعادة .
هذا كان على الصعيد الاجتماعي للكورونا.
أما على صعيدِ البيئة ، كما قلتُ لكم من قبل عندما كنت جالسًا على اللابتوب أشاهد ماذا يحدث من تطورات على فيروس الكورونا وجدتُ معلومات فوائد الحجر الصحي بعد انتشار فيروس كورونا.
إليكم أبرز الآثار الإيجابية التي انعكست على كوكبنا بعد تفشي الوباء:
– ارتفاع جودة الهواء:
بعد فترةٍ من انتشار الفيروس بالصين أمرت السلطات بإغلاق المصانع وإخلاء الشوارع في جميع أنحاء مقاطعة هوبي، وعلى ما يبدو كان لذلك فوائد غير مقصودة، فقد ارتفع متوسط عدد “أيام الهواء عاليةِ الجودة” بنسبة 21.5٪ في فبراير/شباط، مقارنة بالفترة نفسها من العامِ الماضي، وفقاً لوزارة البيئة والبيئة الصينية.
كما انخفضتْ ملوثاتُ الهواء الرئيسية بنسبة تقارب الثلث من يناير/كانون الثاني إلى فبراير/شباط، وفقاً لبياناتٍ من كلية الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ.
– انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين:
أظهرت صور الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضاً كبيراً في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين -تلك الصادرة عن المركبات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية- في المدن الصينية الرئيسية بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
كما أظهرت صور أخرى انخفاضاً في الانبعاثاتِ الغازية في المدن الإيطالية.
واختفتْ السحابةُ المرئية للغازات السامة التي كانت تظهر بشكلٍ واضح في سماءِ المدنِ الصناعية.
وقد أكد الباحثون في وكالة ناسا أن هذه هي المرة الأولى التي يشهدون فيها انخفاضاً مماثلاً للملوثات على مساحة جغرافية واسعة.
– انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون:
من المعروف أن الصين تساهم بنسبة 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم سنوياً، لذا كان من الطبيعي انخفاض تلك الانبعاثات بنسبة 25% على الأقل منذ انتشار الفيروس، وفقاً لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA).
كما توصل الباحثون أيضاً إلى أن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في أجواء مدينة نيويورك انخفضت من 5 إلى 10%، بالتزامن مع انخفاض نسبة غاز الميثان كذلك.
وبشكلٍ عام، هناك انخفاضٌ ملحوظ في التلوثِ وانبعاثاتُ غازات الاحتباس الحراري في العديدِ من البلدان حول العالم.
_ انخفاضُ استهلاكِ الفحم :
شهدَ العالم بعد جائحة كورونا انخفاضاً حاداً في استخدامِ الفحم خصوصاً في الصين التي تعتبر أكبر منتج ومستهلك للفحم في العالم، إذ كانت نسبة اعتمادها على الفحم كمصدرٍ للطاقة بنسبة 59% في العام 2018.
وبعد اجتياح كورونا شهدت محطاتُ الطاقةِ الرئيسية التي تعملُ بالفحمِ في الصين انخفاضاً بنسبة 36% في الاستهلاك من 3 فبراير/شباط إلى 1 مارس/آذار، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
– مياه صافية :
لم تنعكس الآثار الإيجابية للحجر الصحي على المناخ فحسب، بل باتت واضحةً على المياه في العديد من المدن، فشهدت الأنهار في العديد من المدن الأوروبية نشاطاً غير مسبوق للأسماك، وتحسن ملحوظ في نوعية المياه.
وفي مدينة البندقية الإيطالية أصبحت مياه الممرات المائية صافية لدرجة أن حركة الأسماك باتت ملحوظةً فيها بعد غياب حركةِ القوارب الكثيفة في هذه الممرات.
– حيواناتٌ تجوبُ الشوارع :
بعد تطبيق قوانين حظر التجوال في العديد من البلدان، باتت المدنُ خالية من البشرِ تماماً، مما أفسح مجالاً للحيوانات البرية بالتجول بحرية في الشوارع.
ففي اليابان على سبيل المثال، خرجت الغزلان من منتزه (نارا) المحلي لتجوب الشوارع باحثةً عن الطعام، في حين انتشرت مجموعة من القردة في ساحةِ مدينة (لوبوري) التايلاندية، وبات من المألوف رؤية الخنازير البرية تجوب شوارع المدن الإيطالية التي خلت من سكانها.
الباحث بمركز جودة الهواء في ناسا “في ليو” قال:
إن النتائج مثيرة للدهشة.
علق “ليو” بأن ما حدث فى الكوكب أقرب ما يكون هدنة كانت مطلوبة.
فهل كانت البيئة فى حاجة إلى فيروس أو وباء لالتقاط الأنفاس ؟!
وعلى رأي المثل ” مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائد”
احذر من أن تَظلمَ الكورونا بعد الآن!
والآن حانت الفقرة الموسيقية لجارتي التي تسكنُ في الطابقِ السفلي، تضعُ دائمًا الأغنيةَ المعتادة في وقتها المعتادة في أيامنا غير المعتادة ، تُعجبني كلماتُ هذه الأغنية عندما تقول: ” أنا فوق جراحي سأقاوم
أنا لن أستسلم لن أرضخ
وعليكِ بلادي لا أساوم
بيتي هنا..أرضي هنا
البحر السهل النهر لنا
وكيف بوجه النار أساوم
سأقاوم”
نعم سنقاوم وننتصر بإذن الله .