الكاتبة:- هبة أحمد الحجاج
في منتصفِ الظَهِيرة الوقتُ الذي نشعر به بالمملِ الفظيعِ وخاصةً في يومِ العطلةِ وكأنَ ذلك الوقتُ وقتٌ مشؤومٌ منذ القِدم ، لأنني لم أذكر على ما أعلم ، أن شعراء أو أُدباء أو حتى نقاد تغزلوا أو مدحوا في هذا الوقت ، بالمناسبة موضوع الوقت لا يهُمُنا موضُوعُنا هو ” طيري طيري يا عصفورة ” هههههه قد تستغربون من هذه الجُملةِ وقد تُعِيدكم إلى ذكرياتِ الطفولةِ الجميلة ،
وكما يقولُ الشاعرُ ” ويا ليتَ الشبابُ يعود يومًا” وأنا أقول ” يا ليتَ الطفولةُ ترجعُ يومًا” ، زمنًا جميل .
وفي هذا الوقتِ الجميلِ و الممتعِ حقًا ههه ، وقفتُ على النافذةِ وأخذتُ أتأملُ السماء وأبحثُ عن الشمسِ وكأنها مُختبئة خلف السَحابِ لا تُريد أحدًا أن يراها ” وكَأنّها تقولُ أنا خجلانه ، أخذتُ أتأملُ هنا وهناكَ بين الأشجارِ والنباتاتِ والحيواناتِ الأليفة مثلُ القِططِ والعصافير ، لفتَ نظري عصفورةٌ كانت تبحثُ عن طعامٍ وعندما وجدتهُ هبطتْ نحوه كالصقرِ الذي يغزو على فريستهِ ، ولكنها المسكينةُ ما إن وقفتْ عندَ طعامِها لكي تلتقِطهُ وإذ أرى مجموعة عصافيرَ التفوا نَحوها وأخذوا يُزعِجونها، عصفورةٌ تنقرُها في ظهرها وأخرى في مِنقارِها حتى تركتْ رِزقها وحلقتْ بعيدًا عنهم ، وبينما أنا أراها تُحلقُ بعيدًا وإذ أسمعُ صوت طفلٍ صغيرٍ يُغني لها بحرارةٍ ويُشجعها ويقول ” طيري طيري يا عصفورة ” وكأنهُ يُشَجعها ويدعمُها ويبعثُ لها رسالةً ” أن لا تهتمي وإن حاربوكِ بالرزق ، هو لم يكن لكِ من الأساس ، اذهبي وواصلي مسيركِ ، لا تَجدي رزقكِ بلْ اصنَعِيه.
أصبحتُ أفكرُ بشجاعةِ هذهِ العصفورة ، تركتْ رزقَها الذي كانَ في فمِها عندما أحست أنهم يُرِدُونَهُ منها مع أنهُ في فَمِها ، عزةُ نفسِها لم تسمح لها أن تتناولهُ حتى ، بل ألقتهُ على الأرضِ وذهبت .
أصبحتُ أُلقي على نفسي بعضَ التساؤلات ، لماذا لا نكون كشجاعةِ هذهِ العصفورة .
لماذا عندما نشعرُ بأن هناكَ أشخاصٌ يزعجونَنا في حياتنا من الحياة العملية كأن يحاربوكَ في عملكَ، في رزقكَ ، لماذا لا نتركُ ونبحثُ عن عملٍ آخر وكما يقول المثل ” مياتنا انقطعوا من هذا المكان “.
تَذكر علي عزت بيغوفيتش حينما قال “البحثُ عن المصائبِ ليسَ شجاعةً وإنما غباء، الشجاعةُ هي الاستعداد لمواجهةِ المصائبِ التي لا مهربَ منها برَباطةِ جَأش”
لماذا عِندما نكونُ جالسين ونتحدثُ ونخططُ ونحاور الآخرين بأفكارنا بمقترحاتنا بأهدافنا ، يخرج لك أشخاص ويبدَءُونَ بانتقادكَ، أنتَ لا تستطيع، أنت كيف تفكر؟
ويخرج لك أحدٌ منهم وهو يضع قدمًا على قدم ” على قولت المثل ” باب النجار مخلع ” ، لا تجعلهم ينتقصون منك، لا تسمح لنفسكَ بالجلوسِ معهم انتفض بسرعةٍ من المكانِ وحلق بعيدًا عنهم لأنك ستصبح فاشلًا لا محاله ، كن كالعصفورة ألقت رزقها من فمها ، وحلقت ، كن مثلها ألقي كلامهم وحلق حلق بعيدًا عنهم.
وعلى رأي المثل: ” الباب الي بيجي منه ريح سده واستريح ”
والكثير الكثير من المصائب والطامات التي تصيبنا في حياتنا ، نصابُ بخيباتِ أملٍ من المحبين قبلَ الأعداءِ، نصابُ بالخُذلان ، نصابُ بفقدانِ الأحبة ، نحاربُ في رزقنا ، نُتهمُ بأسوءِ الصفات، وقد نسمعُ أوجعَ الكلماتِ الجارحةِ وقد نقول ” وكأنها سكينةٌ غرزتْ في قُلوبنا .
ماذا ستفعلُ ، ماذا ستقولُ ، كيف ستتصرف ، سيرد عليك مارتن لوثر كينج ويقول لك “يجب علينا بناء سدودٍ من الشجاعةِ لمواجهةِ طوفانٍ من الخوف.”
وكأن الحياة تقول لك ” إذا كنتَ ضعيفًا لا مكان لكَ عندي ، لن أحتضنك”، ويأتي أحمد ديدات ويؤكدُ لكَ هذهِ المعلومةِ ويقول “لا تكنْ هشاً، أيُ ضربةٍ تسقطكَ، وأي صدمةٍ
تضعفكَ، وأي فشلٍ يعقدكَ، وأي خطأٍ يقتلك،
كن قوياً، فلا مكان للضعفاءِ في هذا الوقت”
اه لقد نسيت! أن أقول لكَ معلومةً هامةً جدًا ، العصفورةُ عادت وعادت برزقٍ وفير ، باركَ اللهُ في رزقِها