الكاتبة :- هبة أحمد الحجاج أربعةُ جُدران ونافذة ، أصبحت هي ملاذي اليوم في الوضع الراهن .
بالتأكيدِ تستطيعُ أن تتنقل في أرجاءِ البيت ، قد تذهبُ إلى البلكونة ، الصالون ، وأخيرًا إلى المطبخ ، وقدْ أظنُ هذا المكان أصبحَ مكان الإبداع في ظلِ الوضعِ الحالي.
لكن انتبه! ليسَ من المسموحِ لكَ بلْ ممنوع أن تضعَ قدمكَ خارجَ البيتِ إلا للضرورةِ القُصوى ، للإتيان بالحاجاتِ الأساسيةِ التي تبيقيكَ على قيدِ الحياة .
زمنُ الكورونا هذا الزمنُ الذي قلبَ حياتنا رأسًا على عقب ، وأمسك بعادَاتِنا وتقاليدنا وضرَبها بعرضِ الحائط ، وأطلقَ شعارهُ في الأفقِ ” خليك بالبيتِ ، وتباعدْ اجتماعيًا ”
قبلَ الكُورونا ، كانتْ زيارةُ المريضِ واجبه ، ” الجلوس مع المريضِ والإطمئنانُ عليهِ والتخفيفِ عنه” في الكورونا، أصبحتْ ممنوعةً بلْ تُعدْ كارثةً بشريةً، لأن هذا المرضَ ينتشرُ في النارِ كالهشيم .قبلَ الكورونا ، كُنّا نُقيمُ الأفراحَ واللّيالي الملاح، أقصدُ كُنا نُقيم أفراحُنا ونَحْتفلُ ونشاركَ الآخرين أفراحَهم ومناسباتِهم من بابِ الواجب، والآن في الكورونا ، أصبحَ من الواجبِ علينا أن لا نشاركَ وأن يُختَصرَ الفرحُ فقط على الأقاربِ المقربينَ وعلى رأي المثل ” فرح على سُكيت” قبلَ الكورونا ، كنّا عِندما نَسمعُ بوفاةِ شخصٍ قريبٍ أو حتى غريب ، كُنا نتهافتُ إليه ونذهبَ ونشاركَ في طقوسِ العزاءِ من مرحلةِ الدفنِ حتى آخر يوم العزاء ،لكي نُخَفف عليهم المصاب من الأسى والحزن ،والآن في زمنِ الكورونا أصبحَ يُقتصرُ فقط على أهلِ المتوفى ، ومن الواجبِ أن لا نشاركَ أيضًا وإذ ولا بدْ أن تُشاركَ ، تَسّتطيعُ فقط عن طريقِ الهاتفِ ، التي كانتْ تُعتبرُ هذهِ المشاركةَ قبلْ الكورونا ” عيب ولا تَمُتْ للأخلاقيةِ ولا حتى للإنسانيةِ بشيءِ.
وأيضًا سأزيدُكَ من الشعرِ بيت ، أصبحَ من برِ الوالدينِ ، أن لا تزورَ والديكَ ، لأنني كما قلتُ لكَ ” كالنارِ في الهشيمِ ” بلْ فقط يقتصرُ بِرهُم عن طريقِ الهاتف .
والكثيرِ الكثير من العاداتِ والتقاليدِ التي ضَرَبتها في عرضِ الحائطِ، وكأنها تقولُ لنا ” سأخترعُ لكم زمنًا جديدًا، زمنُ الكورونا في العاداتِ والتقاليد” ، رفعتْ شعار وأصبحَ يلوحُ في الأفق ” الكورونا قلبَ زمنَنا رأسًا على عقبٍ ”
لا أعلمُ ماذا تريدين أن تُعْطِينا دُرس أيتها الكورونا؟ هل تقولُ لنا ” التمسوا لأخيكم عذرًا” لعدمِ مشاركتهِ في مُناسباتِكم ، أم تُريدي أن تقولي لي” حياتُكم مستمرة حتى لو لم يُشارككم فيها أحد”
والله أعلم .
عندَما أتفكرُ في هذه الجملةِ أرى الشوراعَ خاليةً، وكلٌ مِنّا في بيتهِ مُختبىء ، أنظرُ إلى السماءِ وأرى السماءَ مرتديةً الثوبَ الأسودَ الحالك وأقولُ في نفسي ، غدًا ستأتي الشمسُ ويتغيرُ هذا اللّون وتُضيىءُ الكرةَ الأرضية بِأسرِها.
وأنتَ أيضاً اُنظر إلى هذه الأزمة كما نظرتُ إلى السماءِ.
دوامُ الحالِ من المُحال.
غدًا ستزدحمُ الأسواق، الطرقاتُ كما المطاعمِ والجامعات،
غدًا سيكونُ الكورونا كابوساً انتهى، وتاريخاً مضى ودرساً مؤلماً للصبرِ والشكر.