27 Aug
الكرة في أحكام ملعبك



هبة أحمد الحجاج 


ذاتَ مساء ، كنتُ حزيناً للغاية ، فقد شاهدتُ مباراة كرة قدم لفريقي وللأسف قد خسر ، لا أُخفيكم كنتُ أتمنى أني لم أشاهدها وأعكر مزاجي ، قلتُ في نفسي لو أنني ذهبتُ إلى مطعمِ المفضل أو قمتُ باللعب على البلاستيشن وانتصرتُ أنا لفريقي وفزتُ به، أو حتى بأضعف الأحوال نمتُ واسترحتُ من كد وتعب هذا اليوم .

ولكن للأسف ، شاهدتُ المباراة وانتهى الأمر ، والآن أشعر أن في رأسي استديو تحليلي لهذه المباراة ، ماذا كان يجب أن يفعل المدرب ، كيف تصرف هذا اللاعب، كان يحب أن يدخل هذا ويخرج ذاك ، كان يجب أن تُعدل الخطة أو أنها لم تكن صحيحةً من الأساس ، وأنا في عمق تفكيري وتمحيصي للأمور ، قلتُ في نفسي” أن حياتنا تخضعُ لأحكام مباراةِ كرة القدم” ، قد تتساءل وتقولُ لي ” كيف ذلك ؟!”

سأجيبك ، تخيل معي أنك أنت مدرب الفريق بمعنى أنك أنت ستضع الخطط حتى تستطيع أن تجعل من فريقك فائز ، مرة ستضع خطة الدفاع ، أتعلم متى ؟ عندما تشعرُ أنك بأضعف حالاتك ، أو أن خصمك لا تستطيع مهاجمته ، مثلاً ” مديرك في العمل ، لا تستطيعُ أن ترد في وجههِ أو حتى تتفوه بحرفٍ لأنه ببساطةٍ سيقوم بفصلك ، فستقوم بتنفيذِ أوامرهُ على الفور ، أيضاً صاحبُ البيت الذي تقنط فيه وقد يكون متراكم عليك ” إيجار البيت” فأنت شخصٌ عاقل من المستحيل أن تستخدم معه خطة الهجوم لأنك ستُطرد على الفور، بل على العكس ستُدافع وتطلب منه أن يصبِر عليك وتشكي له حالك و أيضاً صاحبُ الدكان مثلاً ، وغيرهم الكثير الكثير من الذين في حياتنا نستخدمُ معهم خطةَ الدفاع لأننا قد نكونُ الحلقة الأضعف .

الخطة الثانية ” خطة خط الوسط ” هذه الخطة بالنسبة لمفهومي الخاص ” لا إلك ولا عليك “.

أي أنها خطة يكون الطرفين متساويين في كثيرٍ من الأمور ، مثلا ً زميلك في العمل أو الجامعة ، صديقك ، أحد من الأقارب كهؤلاء مثلاً ، قد تختلف معه في رأي وتوافقهُ في رأيٍ آخر ، قد تتشاجر معه على إنجاز عمل أو تشاركه في إنجازه ، قد تتفوق عليه تارةً و يتفوق عليك تارةً آخرى، ككفة الميزان المتأرجحه ، تارةً تعلو وتارةً تهبط .

وأخيراً وليس آخرًا ” خطةُ الهجوم ” والخطة التي أُطلق عليها “يا فائز يا خاسر لا يوجدُ حلٌ وسط”.

وهي الخطة التي تبدأ بالهُجوم حتى تُسجل أهداف وتفوز ، قد تُهاجم أعداء ، أقارب ، أشخاص يحاولون الوقوفَ في مستقبلك ، أحلامك ، طموحك ، قرارت تعتقد أنها صائبه وهم يعتقدون أنها خاطئة وتبدأ الصولات والجولات ، لكن عليك الحذر عندما تُهاجم ، احذر من الهجمات المرتدة ، واقتناص الأعداء فرصة إدخال الهدف في شباكك ، لا تُهاجم دون إدراك حتى لا يتصيدون لك أعدائك في الماء العكر ” إذا لم تستطيع إدخال الأهداف احمِ مرماك من الأهداف ، تكن أنت في أمان .

والآن بعد أن حددت خُططك في مواجهة حياتك ، يجب أن تخضع إلى الأحكام .

أولاً ” قانون التسلل” يُعتبر لاعب كرة القدم في موقف تسلل في حال توجه الكرة إليه وكان أي جزء من رأسه، أو جسده، أو قدميه، أقرب إلى خط مرمى الفريق المُنافس من أحد لاعبي هذا الفريق، ويُستثنى من تلك القاعدة أيدي وأذرع جميع اللاعبين بما فيهم حراس المرمى.

كالشخص الذي يتسلل إلى حياتك ويريد أن يعرف كل صغيرة وكبيرة في حياتك ، يريد أن يعرف نقاط الضعف قبل القوة ، يريد أن يعرف أدق التفاصيل وأهمها وهو بالنسبة لك لا يعني شيء ، يضع رأسه أو قدمه أو حتى أنفه في كل تفصيل من تفاصيل حياتك ، هنا يجب عليك أن تصفر وتقول له ، لا تتدخل في شؤون غيرك ” من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه “. كف عن التسلل وارجع إلى ملعبك وأعطني الكرة .

الحُكم الثاني ” رمية التماس ” تُمنح رميةُ التماس للفريق في حال قيام أحد لاعبي الفريق الآخر بإخراج الكرة من الخطوط الجانبية للمعلب.

كشخصٍ قام بتسريب معلومة عنك صغيرة كانت أم كبيرة ، مهمة كانت أم غير مهمة ، لكن الأهم من هذا كله أنه قام بتسريبها خارج الملعب وهذا مخالفٌ للقوانين ، فيجب عليك في هذه الحالة أن تقوم بأخذ درسٍ بعنوان ” الحيطة والحذر ” وعدم تكرار مثل هذا الخطأ ، كاللاعب الذي يسرع بأخذ كُرته وإعطائها لفريقه حتى يتلاشى الخطأ ويهاجم من جديد.

الحُكم الثالث” الركنية ” ركلة الركنية في حال خروج الكرة خارج الملعب من جهة خط مرمى أحد الفريقين.

هنا في هذه الحالة قد يكون وقع عليك الخطأ بشكلٍ غير مباشر ، بمعنى أنك لم تدافع عن شباكك بشكلٍ جيد ، فقد تكون قمت أنت هذه المرة بالتفوه بمعلومة عنك مهمة و تخص مستقبلك وتبني طموحك وتجعلك تقترب من هدفك أكثر ، للشخص الخطأ ، فيجب عليك هنا أن تدافع عن مرماك بكل قوةٍ وشراسة ، قد يكون خطَؤُك فادح ويدخل الهدف في شباكك ، وتصبح نادمًا أشد الندم ، أو أنك تدافع بشراسة وتمر الكرة بسلام بعد موجٍ عاصف.


الحكم الرابع ” ركلة الجزاء”، ويتم منح أحد الفريقين ركلة جزاء عند ارتكاب أحد لاعبي الفريق المُنافس مُخالفة داخل منطقة جزاء فريقه أثناء سير المُباراة.

وهنا تنطبق مقولة ” علمته الرماية فلما اشتد ساعدهُ رماني”.

هذا الحكم يعتبر الأصعب عليك والأسهل والأفضل على منافسك ، قد يكون هذا الشخص عزيز ، حبيب، قريب ،

يعرف كل مفاتيحك ، أي بمعنى يعرف من أين تؤكل الكتف ، وهو غير مُلام فأنت الذي جعلته كذلك ” يمسكك من خناقك”.

لا تلمه بل لم نفسك ، كاللاعب الذي ارتكب مخالفة في منطقة الجزاء ، يضع الجميع في موقف لا يُحسد عليه سوءا كان الفريق أو حتى الجمهور ، وهنا سوف يلتفت الجميع حول الحارس فهو أملهم الوحيد بعدم تسجيل الهدف ، نصيحتي لك كن كالحارس وفاجئ منافسك الذي يظن سيسجل الهدف ، أنه لن يستطيع بل هو يمتلك مفاتيحك ولكن أنت قمت بتغييرها .

وهناك الكثير والكثير من أحكام كرة القدم ، التي تشابه أحكامها حياتنا.

ومع ذلك تذكر قول محمود أغيورلي :

كلما حل عقدةً واجهته أخرى .. حتى يأس وتمنع هذه المرة .. وركن وقال أبداً لن أعيد الكرة .. فأتتُه الدنيا على استحياء قائلةً : كمعطف صوفٍ أنا .. لا يدفئ الجسد دون آلاف من العقد.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.